في اعتقادي أن هناك دروسا مستفادة من الثورات في المنطقة العربية لصالح الدعوة الإسلامية.. ولكن لا ينبغي دوما أن نبرر ولا نعترف أن هذه الأمة في غالبها مغيبة عن حقيقة الصراع.. رؤيتي وقناعتي أن الأمة لم تطالب بالإسلام ليس بسبب أن الجوع والفقر هو المسيطر عليها وأن الحال الآن غير الحال وأنها تريد تحكيم الشريعة ولكنها الآن في همّ آخر كما هو مقتضى كلام بعض الإخوة في المنتدى.. ودليل بطلان ذلك أن هناك شطأة من الصحوة في تونس نادت بإقامة الخلافة رغم معايشتها نفس الأحوال مع بقية الشعب ورغم جوعها.. ولكنها طالبت لوجود المفاهيم الصحيحة في التوحيد والحكم والولاء وسائر مفاهيم الإسلام.. وكذلك الأمر بالنسبة للأردن ممن نادوا بتطبيق القرآن قبل أيام دليل على ما أقول..
علينا أن نعترف أن "القاعدة الشعبية" للحركات الإسلامية ليست بالحجم المطلوب بعد ولا النوعية المطلوبة.. فمن تلك القواعد من انحرف في تصور الحل الإسلامي ووجد بغيته في الديمقراطية والدولة المدنية والمواطنة بعد تأصيل منحرف لشيوخ وعلماء ضالين مضلين أوحوا إلى قواعد شعبية ممن يسمعون إليهم ويتبعونهم أن مطلب الدولة الإسلامية بشكلها الشرعي إما أمر بعيد والمرحلة الآن ليست له.. وإما أمر يتحقق بدويلات مدنية وديمقراطية لأن كل ذلك من الإسلام!
وكذلك بالنسبة لمن ذكر أن دليل وجود المفاهيم الصحيحة عند الأمة هو موقفها من إسرائيل وأمريكا واحتلال العراق.. وأن ذلك هو نتيجة لجهود الواعين من العاملين.. ربما نسينا أن العلماني القومي العربي كذلك يعادي أمريكا وإسرائيل؟ بل الشيوعي كذلك smile.gif
هذا ليس دليلا على شيء.. بل الواقع يقول إن مفاهيم الوطنية والقومية لازالت متأصلة في قلوب الغالبية ممن صنعوا الثورات.. وقد رأينا ذلك في مصر - أكبر ثورة - واضحا._مع اكباري لها _. ورأينا نفخ الروح القومية من جديد من خلال الجزيرة ونخب من مفكريها القوميين.. وهذه من أكبر العوائق أمام نهضة الأمة وتمكينها لأنها شائب من شوائب توحيد الولاء.. ولا يمكن أن تنهض الأمة وتستخلف ما لم تجرد التوحيد لله عز وجل. و العبرة الآن أن تعمل حركات الإحياء الإسلامي على تصحيح مفاهيم هذه الأمة وإحيائها من جديد.. فهي لم تمت بعد.. وإنما فقدت وجودها الشرعي وفقدت مفاهيم الشرعية والولاء والحكم والهوية.. ودخلت في غيبوبة فكرية إن جاز التعبير إلا من رحم ربك.. والمهمة موكولة على العاملين أن يبذلوا الجهد في تصحيح المفاهيم وتربية قواعد شعبية على هذه المفاهيم من مختلف الطبقات مع قوة الشعور الديني.. حتى يأتي اليوم الذي تهب فيه الأمة وتنتفض كما انتفضت ولا زالت هذه الأيام.. ولكن ليس من أجل طلب العدالة الاجتماعية وإزالة الظلم والفقر والفساد.. بل من أجل تحكيم شرع الله.. لا تريد شيئا سوى تحكيم شريعتها وتطبيق هذا الدين في واقع حياته.. مخلصة لله لا تبتغي في ذلك مصلحة أرضية.. إنما عن شعور عميق بالإثم ما لم تطبق الشريعة التي هي المقتضى المباشر لاية (ان الحكم الا لله امر ان لا تعبدوا الا اياه ).