هذه حكاية من حكايات عبد العزيز العروي التونسي مروية باللهجة التونسية وقد حولتها الى الفصحي ونرجو ان تعجبكم.
حكي أن امرأة تسمى الجرادة كانت عائدة من السوق تحمل بضائعها فعرض عليها رجل من الحمالين يدعى العصفور ان يحمل بضائعها الى ما تريد فقبلت بذلك وانطلق الاثنان حتى وصلا الى بيت الجرادة ،فطلبت الجرادة من العصفور أن يرتاح قليلا في بيتها ثم وصفت له انها تعيش وحيدة وسالته عن حاله فذكر لها انه يعمل حمالا في سوق المدينة ويعيش وحيدا في بيت حقير ففكرت الجرادة قليلا ثم قالت :مارأيك ان تتزوجني وتعيش معي في هذا البيت فرضي بذلك وقبل وعاشا اياما في سعادة وهناء.
وفي ليلة من اليالي بينما كانا ساهرين قالت الجرادة للعصفور:ما رايك ياعصفور أن تترك مهنتك وتصبح في مهنة اخرى ؟ قال :وماذا سأعمل ؟قالت :تصبح عرافا قال :هذا حديث لا يسمع ،تحبين ان أكذب على الناس وآخذ أموالهم ،فقالت:اتظن ان العرافين لا يكذبون انهم يجنون اموالا كثيرة بغير تعب الامر بسيط يجب ان تدخل نفسك في العرافة و ستصبح غنيا .وكان العصفور يعارضها ولا يوافقها وكانت هي تلح عليه وتصر حتى رضي برأيها .وفي صباح اليوم التالي سارمتثاقلا الى مدينته وشجعته الجرادة ودعت له ونادى بعمله الجديد وتعجب من يعرفه من امره، ثم جاءه رجل له مشاكل يسأل عن يوم الفرج فجعل يكشف كعمل العرافين وقال :سينجلي كل شيء ويوم الفرج سيكون يوم الاربعاء فأعطاه أجرة لم يكن يظنها فنهض الي السوق فأشترى ما يصلح للمأكل والمشرب وعاد الى الجرادة فرحا بما ناله في يومه وفرحت هي بحسن رأيها.
ولما جاء يوم الاربعاء كره أن يخرج مخافة أن يجده الرجل فيخاصمه لاجل كذبه ويطلب منه الاجرة التي منحها اليه.وبينما العصفور والجرادة جالسان في بيتهما اذ طرق الباب فضرب العصفور على جبهته بيده وقال :هذا الرجل أتاني وسيشتمني ويطلب مني ماله ويلك ياجراده كنت مرتاحا في عملي فجلبت الي المشاكل اذهبي انت اليه وقولي له لست هنا فقالت :يارجل قم وتوكل على الله وسيخلصها الذي لا ينام فقام متثاقلا وهو يسب زوجته وفتح الباب فاذا الرجل يستقبله بالعناق وهو يقول كان كلامك صحيحا وهاأنا اعطيك مثل ما اعطيتك يوم اجتماعنا ثم سلم عليه ومضى لسبيله ،ونادى العصفور الجرادة وهو مسرور بما جرى فضحكت وشكرت الله على نعمته عليهما.
وكانت شهرة العصفور تزداد مع الايام حتى ذاع صيته في تلك المدينة .واتفق ان امراة من الاشراف سرقت خاتم ابنة السلطان فطلب من وزيره ان يحضر اليه عرافا فخرج الوزير الى المدينة يسأل فذكروا له ان لا احد احسن من العصفور فجاء اليه يطلب منه المسير معه الى السلطان،فركب معه العربة وهو يضمر الخوف لان ذلك السلطان كان يعرف بالقسوة ،فلما مثل العصفور بين يديه ذكر له خاتم ابنته المسروق وانه يريد ان يعرف من سرقه ففكر العصفور قليلا وقال امهلني يومين آتي لك بالخبر اليقين فقال السلطان :امهلك.وامر وزيره ان يوصله ،وعاد العصفور الى بيته يلوم زوجته على المحنة التي صار فيها وقال لها :ان اكتشف هذا السلطان كذبي سيقطع رأسي ،فقالت له :لا تقلق سيخلصها من لا ينام تصبر وسبق الخير يأتيك الخير. والى الحلقة القادمة