تأخذك اللهفة لشخص عزيز .. لم تره منذ زمن ..
تجد قلبك يهتف باسمه .. وتجتاحك كل الذكريات الجميلة
تمسك هاتفك المتنقل .. تبحث عن اسمه .. وما ان تجده .. حتى تضغط على زر الاتصال..
في الجانب الآخر .. الهاتف يرن ويرن .. ودقات قلبك تتسارع شوقا لسماع صوت ذاك الحبيب ..
فجأة .. يرفع الهاتف ..
صوتك .. يسابق الضوء ليلقي التحية ..
صمت في الطرف الآخر .. وانقطاع مفاجئ للمكالمة ..
تعيد الكرة مرة أخرى .. عاتبا على الحظ كيف يمكنه ان يقف حائلا بينك وبين لحظات اللقاء
ويرن الهاتف مرة آخرى .. وتبدأ في سيل التحايا وبث الاشواق ..
صوت غريب يرد على تحاياك بكل برود ..
- من تريد ؟!
- فلان ؟!!
- النمرة غلط ..
((طخخخخخخخخخخخ)) مهلا .. هذا ليس صوت اقفال الخط .. ولكنه صوت قلبك المحطم من هول المفاجأة
وتبدأ الافكار تدور في رأسك
ما الذي حدث ؟!!
كيف اخطئ في الرقم وهو مخزن في هاتفي؟!
هل غير رقمه من غير ان يخبرني ؟! لماذا ؟؟
أتراه قطعني ؟؟ لماذا ؟؟
هل سعى احد ليفسد ما بيننا ؟؟
ماذا فعلت ليقطعني وينكرني ؟!
وتبدأ سلسلة لا تنتهي من الوساوس والظنون..
كيف السبيل للتأكد من حقيقة الموقف؟!
لا يمكن أبدا ان اظل حبيسة الظنون والوساوس .. لابد من الخروج من هذه الدوامة المقيته .. ولكن كيف؟!
هل أعاود الاتصال؟! .. أيحتمل قلبي صدمة أخرى ؟!
هل أسأل المقربين ان كان غير رقمه ام لا؟ ماذا لو كان لا .. بماذا سأجيب على استفساراتهم عند نفيهم للخبر؟!
وجدتها .. سأزوره في منزله .. لعلي أقف على الاسباب ..
(3)
لا ادري كيف وصلت الى هنا .. رغم عشرات الكيلومترات التي تفصل منزلي عن منزله ..
أوقفت محرك السيارة .. في محاولة جادة لان اقاوم الرغبة في العودة من حيث أتيت ..
وقفت بصمت أتأمل جرس الباب طويلا .. كمن يرى جرس باب لأول مرة في حياته ..
تثاقل أصبعي وهو يضغط على ذلك الزر الصغير ... والذي بدا لي مخيفا ..
دقائق مرت .. وبعدها فتح الباب على بطء ..
أحمد .. ذاك الولد المدلل الذي طالما داعبته .. ضحك في وجهي .. وسلم بخجل .. ليعود أدراجه راكضا الى داخل الدار ..
ويعود أحمد .. بخجل أكبر من سابقه .. (( لا .. لا احد بالدار .. لقد خرجوا جميعا .. ))
صمت بأسى .. وأنا أرقب حركة خفيفة خلف الستار .. كما أن عيناي الفضوليتان لم يفتهما رؤية السيارة في المرآب .. ..
ركبت سيارتي .. وعيناي لازالت تراقبان ذاك الظل المستتر خلف النوافذ المغلقة ..
ماج في صدري صراعا مريرا .. بين البراءة وسوء الظن ..
الى أيهما أركن .. وكل المؤشرات تدفعني الى جانب دون سواه ؟!
تمثلت لي الوساوس والظنون كوحش مفترس .. ينهش في قلبي ويحوله الى أجزاء متناثرة
مضيت .. مستجمعة فكرة واحدة لا سواها ..
((لا اريد ان ابكي الآن .. لا اريد ان ابكي غدا .. لا اريد ان ابكي ابدا .. ))
النسيان !!
كيف السبيل اليه؟! وهل من السهل ان نرمي كل سنوات العمر بعيدا وكأنها لم تكن؟!
هل من السهل ان نلغي كل ما كان .. لمجرد موقف لا نعرف له تفسيرا بعد؟!
ما مدى استعدادنا للمحاولة مرة بعد مرة في سبيل من نعتبرهم أحبة القلب؟!
ما هو الحد الفاصل بين الكرامة ولين الجانب للاخوان؟!
دوار الافكار يأخذني بعيدا بعيدا
يفقدني توازني .. ويمعن في جرحي ..
أكاد اسمع صوت كرامتي يأن في داخلي .. بينما قلبي يحدثني معاتبا (( أبهذه البساطة تنسين ما كان؟!!))
يذكرني بكل المواقف الجميلة .. مرددا (( عجبا .. كيف تنسين؟!!!))
ينعتني بالضعف وسوء الظن ..
ألوذ بصمت ..
بين القلب والقلب .. كيف ينتصر من لا حيلة له ؟!
شهور مضت .. لا حس ولا خبر ..
أظنني حققت المعادلة الصعبة للنسيان ..
دعني اختبر ذاكرتي قليلا .. هل حقا نسيت؟!
نعم .. لازلت اذكر شكله .. وضحكته .. و حركة عيناه ويده !!
بل انني اسمع صوته الآن !!!
ياااه .. يا لجموح خيالي .. يمثل لي الذكريات واقعا !!
الصوت .. يقوى ويقوى .. وكأنه يحاصرني ..
أخاله خلفي ..
سأغمض عيناي وألتفت .. 1 .. 2 .. 3
ببط استدرت .. اقلب الوجوه التي حولي .. بعضها استتر خلف أرفف المبيعات .. وبعضها مشغول بالحديث مع مروجي البضائع ..
والصوت .. اسمعه .. ولا ارى له رسما ..
فجأه .. استدارة خفيفة من ذاك الواقف هناك بجانب ركن العروض الخاصة ..
انه هو .. لا يمكن ان اخطئ
انفرجت اساريري عن ابتسامة عريضة .. ولا ابرع مروج معجون اسنان يحاكيها ..
ابتسامة رسمت بها كل الايام الجميلة ..
ابتسامة .. لا اذكر متى ابتسمت مثلها ..
و همت قدماي ان تحملاني الى حيث هو ..
لكن شئ ما توقف بداخلي .. وانا أرقب عيناه تجمد مكانهما عليّ ثواني ..
برودهما يخترقني كسهم ثلجي .. ويصيبني في مقتل ..
ثواني .. رآني .. وعرفني ..
ومع ذلك .. استدار .. ومضى ...
مهلا .. مهلا ..
ما تبحث عنه .. لن تجده على تلك الرفوف ..
ما تريده هنا .. في هذا القلب .. وبأجمل عرض خاص .. لك أنت .. لا لسواك ..
ولكن للاسف
قلوبنا في هذا الزمان .. بضاعة مزجاة .. لا تجد لها أهلا !!!
الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 الساعة الآن: 01:45 AM
موقع القرية الالكترونية غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق وأعطاء معلومات موقعه
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع القرية الالكترونية ولايتحمل الموقع أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)