العشر الأواخر وليلة القدر..!!!
الحمد لله الذى جعل شهر مضان سيد الشهور ضاعف فيه الحسنات والأجور والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد أظلتنا أيام عظيمة وساعات قليلة إنها أيام العشر الأواخرمن رمضان وهى بداية نهاية الشهر العظيم ولها مزية على باقى أيام الشهر.
ومن مزاياها وخصائصها:
أولاً:اجتهاد النبى صلى الله عليه وسلم فيها فوق ماكان يجتهد فى غيرها من أيام الشهر كما روت عائشة رضى الله عنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر مالا يجتهد فى غيره"[رواه مسلم]
ثانيا:كان صلى الله عليه وسلم يحى الليل فيها كما قالت عائشة أم المؤمنين:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر"[رواه مسلم] ومن مبالغته عليه الصلاة والسلام فى الاجتهاد أنه كان يشد مئزره يعنى أنه يعتزل النساء اشتغالا بالعبادة وتفرغاً لها.
فاحرص_أخى المسلم_على الاقتداء بنبيك عليه الصلاة والسلام وتفرغ للعبادة ولاتفوتك هذه الأيام والليالى القلائل فإن فيها أجراً عظيماً وتحر ليلة القدر واجتهد فى الطاعة والعبادة وتعرض لنفحات الرب الكريم الجواد المتفضل وأكثر من الدعاء والتضرع.
أخى المسلم:
فى حياة الأمم والشعوب أحداث خالدة وأيام مجيدة تحمل فى طياتها ما يفرح القلب ويبهج النفوس ولقد شَرُفت هذه الأمة بأعظم الأحداث وأكمل الأيام وأتم الليالى.
ومما أنعم به الله عز وجل على هذه الأمة ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ومن بركتها أن هذا القرآن الكريم أُنزل فيها ووصفها الله عز وجل بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم أى تقدر فى تلك الليالى مقادير الخلائق على مدى العام فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والحاج والداج والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله عز وجل فى تلك السنة قال الله عز وجل:"إنا أنزلناه فى ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا منذرين*** فيهايفرق كل أمرحكيم***أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين***رحمةً من ربك إنه هو السميع العليم".وقال تعالى عن هذه الليلة العظيمة:"إنا أنزلناه فى ليلة القدر***وماأدراك ما ليلة القدر***ليلة القدر خير من ألف شهر***تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر***سلامٌ هى حتى مطلع الفجر"
ولهذه الليلة فضائل ومزايا منها:
أولا:أن الله أنزل فيها القرآن الذى به هداية البشر وسعادتهم فى الدارين.
ثانيا:تعظيم الله عزوجل لها بقوله:"وما أدراك ما ليلة القدر" وهذا استفهام تفخيم.
ثالثا:أن هذه الليلة خير من ألف شهر أى خير مما يزيد على ثلاث وثمانين سنة.
رابعا:تتنزل الملائكةفيها والملائكة لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة.
خامسا:أنها سلامٌ لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عزوجل.
سادسا:أن الله أنزل فى فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة.
ومن فضائل ليلة القدر ما ثبت فى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"من قام ليلة القدر إيماناًواحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه"[رواه مسلم]
أخى المسلم:
هذه الليلة العظيمة المباركة يستحب تحريها فى رمضان وفى العشر الأواخر منه خاصة وفى الأوتار منها بالذات أى ليالى:إحدىوعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين فقد ثبت فى الصحيح من حديث عائشة_رضى الله عنها_أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"التمسوها فى العشر الأواخر فى الوتر"[رواه البخارى] وفى حديث ابن عباس رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال:"التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر فى تاسعة تبقى فى سابعة تبقى فى خامسة تبقى"[رواه البخارى]
وليلة القدر فى السبع الأواخر أرجى ولذلك جاء فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أرُوا ليلة القدر فى المنام فى السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أرى رؤياكم قد تواطأت فى السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها فى السبع الأواخر"[رواه مسلم]
وهى فى ليلة سبع وعشرين أرجى ماتكون فقد جاء من حديث أُبى بن كعب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"ليلة القدر ليلة سبع وعشرين"[رواه مسلم]
ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة فى جميع الأعوام قال فى فتح البارى:"أرجح الأقوال أنها فى وتر من العشر الأخير وأنها تنتقل"
وقد أخفى الله عز وجل علمها عن العباد رحمة بهم ليكثروا من العبادة والطاعة طلبا لتلك الليلة وأيام الوتر أيام قلائل مع أجر عظيم وثواب جزيل.فأكثر_أخى المسلم_فيها من الذكر ومن الدعاء خاصةالدعاء الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلم عائشة رضى الله عنها حين قالت:يارسول الله أرأيت إن علمت أى ليلة القدر ما أقول فيها؟قال:"قولى:اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى"[رواه الترمذى وقال حسن صحيح]
وأكثر_أخى المسلم_من العبادة والخشوع والخضوع والبكاء والذلة لله عز وجل واحرص على دقائقها بل وثوانيها.واحذر البدع التى ما أنزل الله بها من سلطان فى تلك الليالى من دعاء جماعى أو تخصيصها بنوع من انواع العبادة لم يشرعه الله ولا رسوله أو الاحتفال بها وإلقاء الخطب والكلمات!
بل افعل كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون وعليك بالإقتداء بهم واحذر من أن تحيد عن نهجهم وطريقهم فتضل!
اللهم اجعل لنا نصيباً من غفرانك ورحمتك اللهم اغفر الخطيئة واعف عن الزلل وثبتناعلى دينك حتى نلقاك،وصلى الله على نبينا محمد وعل آله وصحبه أجمعين.